حقيقة تشكل السراب

لكي نفهم كيف يتشكل السراب، علينا أولا ان نفهم كيف ينتقل الضوء عبر الهواء. عندما تكون حرارة الهواء متجانسة سواء كان باردا أم ساخنا.

يسير الضوء عبر خطوط مستقيمة. أما إذا كانت درجة حرارة الهواء مختلفة في بقع معينة منه ففي هذه الحالة سيسلك الهواء مسارا منحنيا باتجاه الهواء الأبرد والتفسير الفيزيائي لهذه الظاهرة يتلخص في ان للهواء البارد قدرة اكبر على عكس أشعة الضوء مقارنة بالهواء الساخن. ونتيجة ذلك فإن الفوتونات (جزيئات الضوء) تعبر الهواء الساخن بشكل اسرع من عبورها الهواء البارد لأن الهواء الساخن أقل كثافة من الهواء البارد والتفسير الالكتروديناميكي لهذه الظاهرة هو ان الفوتونات تسلك المسار الأقصر زمنيا عند انتقالها من نقطة الى أخرى، أي أنها تأخذ “الطرق السريعة” حتى لو كانت هذه الأخيرة منحنية أو تغطي مسافات أكبر مقارنة بالطريق المباشرة المستقيمة.

خداع بصري :

ويعد السراب نتيجة مباشرة لتلك “الطرق السريعة” التي تتخذها الفوتونات عند تغير درجات الحرارة. والظرف المناخي المثالي لتشكل السراب يتمثل في الهواء الساكن في يوم مشمس حار فوق أرض مسطحة تمتص حرارة الشمس لتزداد سخونة. وعندما تتوافر هذه الشروط يصبح الهواء الملاصق لسطح الأرض هو الأسخن والأقل كثافة، وترتفع هذه الكثافة كلما ارتفعنا عن سطح الأرض.
وتتخذ الفوتونات القادمة من الفضاء مسارا منحنيا في عين الناظر. وسبب خداع البصر الذي يؤدي الى رؤية السراب، يعود الى حقيقة ان عقل الانسان لا يدرك السلوك الكهروديناميكي للضوء بل يفترض ان الضوء سيسلك مسارا مستقيما دوما، وبالتالي عندما ينظر المرء منا الى طريق أمامه، على سبيل المثال، في يوم حار رياحه ساكنة، فسيرى انعكاس لصورة السماء لأن الفوتونات القادمة من السماء تتخذ مسارا منحرفا باتجاه العين، فيترجمها الدماغ على أنها مياه على الطريق، باعتبار ان المياه تعكس الضوء القادم من الأعلى بالطريقة نفسها التي ينعكس فيها عند تفاوت درجات الحرارة.