اسطورة تايتانك السفينة التي لا تغرق (القصة الكاملة)
صفحة 1 من اصل 1
اسطورة تايتانك السفينة التي لا تغرق (القصة الكاملة)
آر إم إس تيتانيك
تيتانيك (بالإنكليزية: RMS Titanic) هي باخرة ركاب إنجليزية عملاقة كانت مملوكة لشركة وايت ستار لاين (White Star Line)، تم بناؤها في حوض هارلاند آند وولف (Harland and Wolff) لبناء السفن في بلفاست والتي تعرف الآن بـأيرلندا الشمالية. كانت التيتانيك أكبر باخرة نقل ركاب في العالم تم بناؤها في ذلك الوقت
في أول رحلة لها في 10 أبريل 1912 من لندن إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي وبعد أربعة أيام من انطلاقها في 14 أبريل 1912 اصطدمت الباخرة بجبل جليدي
عند الموقع 41°44' شمالا و 49°57' غربا قبل منتصف الليل بقليل، مما أدى
إلى غرقها بالكامل بعد ساعتين وأربعين دقيقة من لحظة الإصطدام في الساعات
الأولى ليوم 15 أبريل 1912.
كان على متن الباخرة 2,223 راكب، نجا منهم 706 شخص فيما لقي 1,517 شخص
حتفهم. السبب الرئيسي لارتفاع عدد الضحايا يعود لعدم تزويد الباخرة بالعدد
الكافي من قوارب النجاة للمسافرين الذين كانوا على متنها، حيث احتوت على
قوارب للنجاة تكفي لـ 1,187 شخص على الرغم من أن حمولتها القصوى تبلغ
3,547 شخص. غرق عدد كبير من الرجال الذين كانوا على ظهر التيتانيك بسبب
سياسة إعطاء الأولوية للنساء والأطفال في عملية الإنقاذ.
تم بناء التيتانيك على أيدي أمهر المهندسين وأكثرهم خبرة، وقد استخدم
في بنائها أكثر أنواع التقنيات تقدماً. ساد الإعتقاد بأنها السفينة التي
لا يمكن إغراقها، وكان غرقها صدمة كبرى للجميع حيث أنها قد زودت بأعلى
معايير السلامة.
البناء
تم بناء التيتانبك في حوض هارلاند آند وولف لبناء السفن في بلفست، و صممت لمنافسة السفينتين لوسيتينيا و ماوريتانيا من بناء شركة كونارد لاين. كان من المزعم أن تكون التيتانيك إلى جانب أخواتها من السفن الضخمة، أوليمبيك و بريتانيك (كان سيطلق عليها إسم جيجانتيك في البداية) أكبر السفن و أكثرها رفاهية في ذلك الوقت. تم تصميم هذه السفن من قبل وليام بيري، مدير كل من هارلاند آند وولف و وايت ستار، و المعماري البحري توماس أندروس مدير إنشاءات هارلاند آند وولف و رئيس قسم التصميم، و أليكساندر كارلايل، المخطط الأول للحوض و المدير العام له. أليكساندر كان المسؤول عن البنية الفوقية للسفن الثلاثة، لكنه ترك المشروع في عام 1910 قبل إطلاق السفن.
تم البدء ببناء التيتانيك في 31 مارس 1909 بتمويل من الأميريكي جون بيربونت مورجان
و شركته الخاصة. أطلق هيكل السفينة في 31 مايو 1911 و تم الإنتهاء من
التجهيزات في 31 مارس من السنة التالية. الطول الكلي للتيتانيك بلغ 269.1
متر (882 قدم و 9 إنشات) و اتساعها 28 متر (32 قدم) و ارتفاعها من سطح
الماء إلى سطح السفينة 18 متر (59 قدم). تحتوي السفينة على محركين بخاريين ذوي أربعة اسطوانات ثلالثي التوسع بالإضافة إلى توربين بخاري منخفض الضغط و الذي بجانب المحركين البخاريين يعملون على تحريك المراوح و التي بدورها تدفع السفينة إلى الإبحار. هنالك 29 غلاية
يتم تشغيلها باستخدام 159 فرن لحرق الفحم و القادرة على دفع السفينة بسرعة
قصوى تبلغ 23 عقدة (43 كم/ساعة؛ 26 ميل/ساعة). ثلاثة من الأربعة مداخن
البالغ طول كل منها 19 متر (62 قدم) فقط هي التي تعمل، أما الرابعة و
المستخدمة في التهوية فقد وضعت بالأصل لجعل شكل السفينة مثيراً للإعجاب.
الحمولة القصوى للسفينة تبلغ 3,547 شخص بما فيهم الطاقم.
الملامح
تفوقت التيتانيك على منافساتها من حيث الفخامة و الترف، حيث تحتوي الدرجة الأولى على حوض سباحة و صالة رياضية و ملعب اسكواش و حمام تركي
و حمام كهربائي و مقهى ذي شرفة. كانت غرف الدرجة الأولى مزينة بتلابيس
الخشب المزخرف و الأثاث الباهظ الثمن و زخارف أخرى. بالإضافة إلى ذلك وفر مقهى باريسي(Cafe Parisien) لركاب الدرجة الأولى مطبخ مع شرفة مشمسة مزينة بالأزهار. بالإضافة إلى ذلك كان هناك مكتبات و محال الحلاقة لركاب الدرجتين الأولى و الثانية. أما غرف الدرجة الثالثة فقد كانت مزينة بخشب الصنوبر و احتوت على أثاث مصنع من خشب الساج الصلب.احتوت السفينة على أحدث التقنيات المتوفرة في ذلك الوقت، فقد كان هنالك
ثلاثة مصاعد كهربائية في الدرجة الأولى و واحد في الدرجة الثانية. و احتوت
أيضاً على نظام كهربائي شامل مع مولدات كهربائية
بخارية و مصابيح كهربائية في أرجاء السفينة و جهازين لاسلكيين قدرة كا
منهما 1,500 واط يعمل على تشغيلهما شخصين بنظام التناوب مما ي}من اتصال
ثابت و إيصال الرسائل الصوتية للركاب في أي وقت.
قام ركاب الدرجة الأولى بدفع مبلغ ضخم لأجل هذه المرافق، فتكاليف الرحلة
لأفضل جناح على متن السفينة باتجاه واحد عبر المحيط الأطلسي كانت تصل إلى
4,350$ (أكثر من 95,860$ في عام 2008). أما تكاليف باقي الغرف فقد بلغت 150$ لغرف الدرجة الأولى، و 60$ لغرف الدرجة الثانية، و 40$ لغرف الدرجة الثالثة.
أسطورة السفينة التي لا تغرق
ترقب العالم بلهفة ذلك الحدث التاريخي، وهو قيام السفينة تيتانيك بأولى
رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي من إنجلترا إلى الولايات المتحدة في 10 إبريل
1912.
فعلى رصيف ميناء كوين ستون بإنجلترا كان الاحتفال بالغا بهذا الحدث
الكبير، اصطف آلاف الناس من المودعين وغير المودعين يتأملون، بإعجاب
السفينة العملاقة وهي راسية في الميناء في قوة وشموخ، والمسافرون وهم
يتجهون إليها في سعادة وكبرياء. ولا شك أن الكثيرين منهم كان يتمنى في
قرارة نفسه، لو يكون له مكان على ظهر السفينة.
وجاء الموعد المحدد لبدء الرحلة، فارتفعت الأعلام، وبدأت فرق الموسيقى
المحتشدة على رصيف الميناء تعزف موسيقاها الجميلة المرحة وسط هتاف
المودعين والمسافرين، وبدأ صوت المحرك يعلو حتى أخذت السفينة تيتانك تتحرك
لتبدأ أولى رحلاتها وسط هذا الاحتفال البهيج
المارد
لم يكن اسم التيتانيك والذي يعني المارد، اسما مبالغا فيه في تسمية تلك
السفينة فقد اتصفت بثلاث صفات لم تتوفر بغيرها من السفن وهي: الضخامة وعدم
القابلية للغرق والفخامة
الضخامة
كانت السفينة تيتانيك اضخم سفينة ركاب شهدها العالم حتى الآن حيث بلغ
وزنها 52310 طنا وبلغ طولها 882 قدما ،وبلغ عرضها 92 قدما، ويمكنك تصور
هذه الضخامة بشكل آخر فالسفينة تيتانك يمكن أن تعادل في ارتفاعها ارتفاع
مبنى مكون من أحد عشر طابقا علاوة على طولها الكبير الذي قد يعادل أربع
مجموعات من الأبنية المتجاورة.
عدم القابلية للغرق
كذلك لم يكن هذا المارد قابلا للغرق في نظر من صمموه فالسفينة ليست
كغيرها من السفن حيث تنفرد باحتوائها على قاعين يمتد أحدهما عبر الآخر كما
يتكون الجزء السفلي من السفينة من 16 قسما (مقصورة) لا يمكن أن ينفذ منها
الماء وحتى لو غمرت المياه على سبيل الافتراض أحد هذه الأقسام فانه يمكن
لقائد السفينة وبمنتهى السهولة أن يحجز المياه داخل هذا الجزء بمفرده
ويمنعها من غمر باقي الأجزاء
الفخامة
تمتعت السفينة تيتانيك بدرجة عاليه من الفخامة لم تتوفر من قبل لاي
سفينة ركاب. ويمكنك تصور مدى هذه الفخامة والروعة إذا عرفت أن ثمن تذكرة
الدرجة الأولى لهذه السفينة قد يزيد عن دخل أي فرد من طاقمها طوال فترة
حياته.. وان كانت الدرجتان الثانية والثالثة على وضع اقل من الفخامة إلا
انهما تعدان من أفضل وأرقى قاعات السفر عن مثيلتهما في السفن الأخرى.
سفينة الاثرياء
ضمت السفينة التايتنك على ظهرها نخبة من أثرياء إنجلترا وأمريكا وكان
القدر قد انتقاهم من هنا وهناك ،ليجمع بهم في هذه الرحله. فكان من ضمن
هؤلاء الأثرياء بل أثراهم جميعا الكونيل جون جاكوب استور البالغ من العمر
47 عاما وهو حفيد عائلة استور الإنجليزية الشهيرة بتجارة الفراء وقد مثل
جون بنشاطه التجاري الضخم امتدادا لهذه التجارة إلى جانب امتلاكه لعدد من
الفنادق العالمية. وفي هذه الفترة من الزمان كان استور هو موضع أحاديث
كثيرة خاصة في المجتمع الإنجليزي بعد الفضيحة الكبيرة التي تعرض لها فقد
طلقته زوجته وتزوج بعد ذلك من فتاة صغيرة من نيويورك في عمر أحفاده فكانت
تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما! وخلال هذه الرحلة كان استور وزوجته
الحامل_ مادلين_في طريقهما إلى نيويورك بعد رحلة شتوية قاما بها في مصر
وأوروبا لكنهما اختصرا جزء من زيارتهما لأوروبا وقررا العودة سريعا
للإقامة في أمريكا بعد حملة التشنيعات التي واجهها استور خلال إقامته في
أوروبا. كما ضمت نخبة الأثرياء بنجامين جاجينهيم سليل عائله جاجنهيم
الامريكيه ذات النشاط التجاري الضخم في استخراج المعادن.
كما كان هناك الثري المعروف ازيدور ستروس وزوجتة وازيدور هو صاحب أكبر
مجمع تجاري في العالم(ميكيز) وبجانب هذه المجموعة السابقة والتي تمثل أثرى
أثرياء العالم كان هناك مجموعة أخرى من الأثرياء ولكن بدرجة اقل قليلا مثل
الوجيه الأمثل ارثر ريرسون وجون ثاير مساعد رئيس هيئة السكك الحديدية
بولاية بنسلفانيا وتشارلز هايز رئيس مجموعة الشاحنات الكندية وهاري مولسن
سليل إحدى العائلات الثرية بمونتريال والتي تعمل في مجال البنوك ومن ابرز
طبقات المجتمع الإنجليزي كان هناك سيركوزمو وزوجته ليدي دوف جوردن وكوزمو
هو أمير إنجليزي ينتمي للعائلة المالكة أما زوجته دوف فهي مصممة أزياء
شهيرة وصاحبه أكبر مجلات للأزياء في فرنسا والولايات المتحدة.
الذين تخلفوا عن السفر
كان من الممكن أن تضم قائمة المسافرين على السفينة تايتانيك مجموعه
أخرى من الأثرياء والشخصيات البارزة لولا تخلفهم عن السفرفقد تخلف عن
السفر الثري المعروف ج.ب مورجان لسوء حالته الصحيه وكما تخلف عن السفر
فانديربلت وزوجته ومن عجب انهما تخلفا عن السفر في آخر لحظه قبل إبحار
السفينة وبعد صعودهما بالفعل إلى السفينة هما وخادمهما الخاص
كما تخلف عن الرحلة لورد بيري رئيس شركة هارلاند اند ولف لبناء السفن
في بلفاست والذي قام ببناء وتصميم السفينة تيتانيك لكنه تخلف عن الرحلة
لظروف مرضية مفاجئه وحل محلة في الرحلة المدير التنفيذي للشركة
وضمت أيضا السفينة تيتانيك في درجتها الثالثة مجموعة من الطبقات
المتوسطة والفقيرة في إنجلترا والذين استجمعوا كل ما لديهم من أموال للسفر
على هذه السفينة العجيبة ليس فقط من اجل المتعة ولكن أيضا للبحث عن موطن
أخر قد يتوفر فيه لهم مستوى أفضل من المعيشة مما يلقونه في موطنهم
الأصلي.ولكن بطبيعة الحال كان وجود هؤلاء الفقراء شبه معزول عن طبقة
الأثرياء التي سكنت في السفينة كما سكنت في المجتمع، الطبقة العليا
بأجنحتها الممتدة الواسعة، بينما سكنت طبقة الفقراء الطبقة السفلى من
السفينة بحجراتها الضيقة القريبة من الضوضاء والضجيج.
موكب السعادة
كما بدأت السفينة تيتانك رحلتها بالفرح والأمنيات الحلوة استمرت رحلتها
عبر المحيط على هذا النحو لأربعة ليال كاملة. فراح كل من عليها يستمتع
بأجمل الأوقات، كان الاستمتاع بجمال وفخامة السفينة بحجراتها الواسعة
الأنيقة ومطعمها البديع وما يحمل من أشهى المأكولات المختلفة هو نوع آخر
من المتعة الكبيرة التي حظي بها ركاب السفينة ومن ناحية أخرى كانت السفينة
تايتانك قد قطعت شوطا كبيرا من رحلتها الأولى بنجاح وهدوء تام، أثبتت فيه
جدارتها الفائقة في خوض البحار، وقد دعا هذا إلى زيادة سرعة السفينة بدرجة
كبيرة وإطلاق العنان لها بعد أن تأكد لطاقمها جدارتها في خوض البحر خلال
الخمسمائة ميل السابقة وأما قبطان السفينة، كابتن إدوارد سميث والبالغ من
العمر 62 عاما فقد كان اسعد من عليها، فهذه الرحلة الأخيرة له والتي يختتم
بها ما يزيد على ثلاثين عاما من العمل في أعالي البحار، والذي شهد له
الكثيرون خلال هذه الفترة بالنجاح والمهارة الفائقة.
رسائل الإنذار
وفي 14 إبريل 1912 وهو اليوم الخامس من رحلة السفينة بدأت المخاطر
تتربص بالسفينة العملاقة ومن عليها من سادة القوم فمنذ ظهيرة ذلك اليوم
حتى اخره، تلقت حجرة اللاسلكي بالسفينة رسائل عديدة من بعض السفن المارة
بالمحيط ومن وحدات الحرس البحري تشير إلى اقتراب السفينة من الدخول في
منطقة مياه جليدية مقابلة للساحل الشرقي لكندا. وعلى الرغم من هذه الرسائل
العديدة التي تلقتها السفينة، لم يبد أحد من طاقمها، وعلى الأخص كابتن
سميث، أي اهتمام.حتى أن عامل اللاسلكي قد تلقى بعض الرسائل ولم يقم
بإبلاغها إلى طاقم السفينة لعدم اكتراثهم بها.
فعلاوة على اعتقادهم، من خبرتهم السابقة، بندرة تكون الجليد في هذه
المنطقة من المحيط في شهر أبريل، فقد كانوا جميعا على ثقة بالغة بسفينتهم
العملاقة تايتانك، فقد كانت تبدوا لهم أكبر وأكبر من أن يعترض شيئا
طريقها..فما بالهم يعبئون ببعض قطع من الجليد.
خاصة أن المحيط هذا اليوم كان هادئا تماما كالبساط الممتد، كما كان
الجو باردا لكنه كان مشمسا في معظم الوقت فماذا يمكن أن يهددهم أو يعترض
طريقهم.
لكنه بعد حلول الظلام وبالتحديد في الساعة التاسعة مساءا من نفس هذا
اليوم، بدأت درجة الحرارة في الانخفاض بشكل ملحوظ، مما جعل كابتن سميث
يدرك أن السفينة تقترب، بالفعل، من منطقة جليدية، لكنه على الرغم من ذلك
لم يبد اهتماما كبيرا لهذا الأمر فكل ما قام به هو إعطاء الأوامر بتفقد
خزانات المياه، خوفا من أن تكون المياه قد تجمدت بها، كما بلغ مراقب
السفينة، فر يدريك فليت، بتشديد الرقابة والإبلاغ عن أي كتل ثلجية ضخمة قد
تتراءى له. ثم دخل كابتن سميث حجرته لينام !!!
وفي الحقيقة أن كابتن سميث رغم خبرته الطويلة، قد وقع في خطأ كبير بهذا
التصرف، ربما لثقته البالغة بسفينته العملاقة وخبرته الطويلة، فهو لم يفكر
إطلاقا في إنقاص سرعة السفينة حيث كانت تنطلق في هذا اليوم بأقصى سرعتها،
كذلك نسي كابتن سميث أن كتل الجليد الضخمة قد تفاجئ سفينته في لحظات، فقد
كانت الرؤية في هذه الليلة غير قمرية غاية في الصعوبة، حتى أن الأفق لم
يكن واضحا على الإطلاق.
جبل الجليد
وفى حوالي منتصف نفس هذه الليلة، وبينما فليت( مراقب السفينة
)يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص في هذا الوقت،
فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة في طريق السفينة، وفي ثوان معدودات
بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده..إنه جبـل
جليدي، فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة،
كما قام بالاتصال بالضابط المناوب واخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة
في اتجاه السفينة ،حيث قام بسرعة وأمر بتغير اتجاه السفينة ثم بإيقاف
المحركات.
ولكن لم يكن هناك أي فرصة لتجنب الاصطدام، فارتطم جبل الثلج بجانب
السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة،
حتى أن باقي أفراد طاقم السفينة قد ظنوا انهم نجحوا في تغيير المسار وتجنب
الاصطدام، ومع حدوث هذا التصادم، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر
السفينة، وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير
ملحوظة، لكنها انزلقت قليلا من الخلف، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما
عن الحركة.
الغفلة وعدم الاكتراث
لم يشعر معظم ركاب السفينة بان سفينتهم العملاقة قد اصطدمت بأي شيء،
فإلى جانب أن التصادم كان غير مسموعا بدرجة كافية، كان معظم المسافرين
داخل حجراتهم، في هذه الليلة الباردة بل أن الكثيرين منهم كانوا قد
استغرقوا قي النوم، فلم يكن مستيقظا في ذلك الوقت سوى بعض الرجال الذين
كانوا يدخنون السيجار في الغرفة الخاصة لذلك من الدرجة الأولى، بعد
تناولهم العشاء وبعد انصراف زوجاتهم إلى حجرات النوم، ولم يكن صوت هذا
التصادم مسموعا لهم ألا بدرجة خافته، فقام اثنان منهم واتجها إلى ظهر
السفينة لمعرفة سبب هذا الصوت الخافت، وتبعهما بعد ذلك آخرون وآخرون، ومن
الغريب انهم جميعا لم يبدوا أي اهتمام، فلم يبالوا إلا بمشاهدة جبل الثلج
والقطع المتناثرة منه على ظهر السفينة، ثم عادوا جميعا بعد ذلك لما كانوا
فيه، فمنهم من عاد ليكمل لعبته المسلية، ومنهم من عاد لتدخين السيجار
وتتناول المشروبات، كما دخل بعضهم حجراتهم الخاصة ليخلدوا للنوم كذلك عبر
بعض المارين بالسفينة في ذلك الوقت عن إحساسهم بهذا التصادم بصور مختلفة،
فقال بعضهم انه كان يبدو كما لو كانت السفينة مرت على أرض من المرمر) !،
وهو تشبيه ملائم تماما لتلك الطبقة الأرستقراطية، كما ذكر آخرون : (انه
كان يبدو كالصوت الصادر عن تمزيق قطعة قماش) كذلك ذكر أحد الضباط على
السفينة والذي كان نائما بحجرته في ذلك الوقت : أن كل ما أحس به هو حدوث
اهتزاز بسيط بجدار السفينة، مما اقلق نومه، لكنه عاد للنوم مرة أخرى، بعد
أن تبادر إلى ذهنه أن السفينة قد غيرت من اتجاهها بطريقة غير لائقة.
المفاجأة
أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة.
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب
السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل
السفينة، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما، وامتلأت أيضا حجرة البريد
بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات، مما يشير إلى كارثة وان غرق
السفينة تيتانك أمر محتم.
إخلاءالسفينة
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى
أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة،
كما أمر بإرسال نداء الإغاثة (SOS).
ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث، فعدد ركاب السفينة هو 2201
راكبا، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا
إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة،
الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث، بل أن
بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف، فهم لا يزالون
يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق.
بدا ركاب السفينة والذين ظهر بعضهم بثياب النوم يرتدون سترات النجاة،
ثم اخذوا يصعدون قوارب النجاة تحت تعليمات كابتن سميث، الذي أمر بإخلاء
السفينة من النساء والأطفال أولا، على أن يذهب الرجال بعد ذلك إلى قوارب
النجاة إذا توفر لهم أماكن بها.
وفي الحقيقة أن بعض الركاب لم يكن يريد الدخول إلى قوارب النجاة، فكانت
السفينة العملاقة لا تزال مطمئنة بالنسبة لهم عن قوارب النجاة الصغيرة،
حتى أن بعض البحارة قد اخذ يزج بعضا منهم إلى القوارب، فقد كانوا مدركين
تماما للكارثة التي تنتظرهم، كما اضطر البحارة أمام رفض بعض الركاب إلى
إنزال بعض قوارب النجاة إلى المياه وهي غير ممتلئة عن آخرها، فلم يكن هناك
أي وقت للتأخير والمماطلة.وكان ركاب الدرجة الثالثة من الفقراء هم آخر من
وصل إلى قوارب النجاة حيث يقيمون بالحجرات السفلى من السفينة، بل أن بعضهم
ظل منتظرا بأسفل السفينة لا يدري ماذا يفعل، على رغم علمهم بوجود محنة على
ظهر سفينتهم
بريق الأمل
في نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكي بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة،
وان كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة
جدا عن السفينة تيتانك، فكانت كل هذه النداءات دون أي جدوى، ولكن ظهر
للسفينة تيتانك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى
هي السفينة كاليفورنيان، والتي كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة
في دقائق وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التي تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم
يصل للسفينة كاليفورنيان أي نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التي ظلت
ترسل بها السفينة تيتانك، ففي هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل
اللاسلكي بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال.
وبعد عدة محاولات يائسة قام ظباط السفينة تيتانك بمحاولة أخرى لشد
انتباه السفينة كاليفورنيان إلى سفينتهم المنكوبة، فقاموا بإطلاق عدة
صواريخ نارية في السماء وانطلقت معها الهتافات والنداءات المتكررة ولكن
على الرغم من ذلك لم تتخذ السفينة كاليفورنيان أي موقف تجاه هذه الإشارات
الضوئية، فلم يتبادر إلى ذهن طاقمها أن السفينة تيتانك في خطر وأنها ترسل
هذه الإشارات طلبا للنجدة ،وبالتالي سارت السفينة كاليفورنيان في طريقها
غير عابئة بهذه الإشارات، وأخذت تبعد تدريجيا عن السفينة تيتانك، وبعد
معها آخر أمل في إنقاذ السفينة تيتانك.
موسيقى المرح على ظهر السفينة المنكوبة
أما على ظهر السفينة تيتانك، فراحت فرقة الموسيقى المصاحبة للرحلة،
تعزف موسيقى المرح والسعادة أثناء إنزال قوارب النجاة من السفينة إلى
المحيط ! وان كانت هذه الموسيقى قد ظلت لفترة من الوقت ملائمة تماما للجو
النفسي لركاب السفينة الساخرين واللاهين، إلا أنها صارت بعد ذلك غير
ملائمة لحالة الخوف والقلق التي بدأت تنتاب معظم الركاب مع إنزال أقدامهم
على ظهر السفينة، التي بدأت مؤخرتها في الانخفاض تدريجيا إلى سطح المياه
بشده.
شبح الموت
واستمر الحال كما هو عليه بظهر السفينة، الموسيقى تعزف، والسفينة تنخفض
تدريجيا والخوف يزداد ويزداد مع اقتراب ظهر السفينة من سطح المياه، والذي
لا يزال يحمل مئات الركاب والذين لم يتم بعد إخلائهم منها، فبدأ شبح الموت
يخيم على وجوه الجميع، فقد أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد نفاد معظم قوارب
النجاة، فلم يعد يبقى منها غير قاربين فإما الموت غرقا مع السفينة وإما
القفز إلى المياه الجليدية الكفيلة بإحداث صدمة عصبية مميتة بمجرد النزول
إليها.
وأمام شبح الموت الذي خيم على السفينة بأكملها برزت بعض المواقف
الإنسانية الجميلة التي عبرت عن الوفاء في أسمى صوره، ولكن كان هناك أيضا
بعض المواقف الغريبة والمثيرة للدهشة.
فمن ضمن هذه المواقف الإنسانية الجميلة التي برزت أمام شبح الموت، هو
تشبث بعض الزوجات بأزواجهن ورفضهم مغادرة السفينة عند مجيء دورهن في
الانتقال إلى قوارب النجاة.
وكان أروع مثل شهدته السفينة لهذا الوفاء العظيم، هو ما عبرت عنه مسز
ايدا ستروس زوجة الثري الكبير ايزدور ستروس، والتي عادت مرة أخرى إلى ظهر
السفينة بعد دخولها إلى قارب النجاة، لتحضن زوجها وهي تبكي قائلة : لقد
عشنا معا سنوات طويلة لا يمكن أن ارحل من دونك، سوف امضي حيث تمضي.. وذهب
الاثنان معا ليجلسا في ركن هادئ بعيد وأخذا يرقبان ما يجري حولهما في
انتظار القرار الأخير لنهاية مصيرهما المشترك.
السيجار أيضا كان صورة أخرى غريبة وشاذة، ففي الحجرة الخاصة بالتدخين
بالدرجة الأولى جلس ميجور اركيبولد بوت وثلاثة آخرون يدخنون السيجار
ويتجاذبون أطراف الحديث غير مكترثين تماما بما يجري حولهم، على الرغم من
أن السفينة في ذلك الوقت قد انخفضت بدرجة كبيرة إلى سطح المياه
سأموت جنتلمان
كذلك كان للمليونير بنجامين جاجنيهيم الذي اشتهر بأناقته، موقف في غاية
الغرابة أثناء هذه اللحظات الحرجة التي بدأت فيها السفينة تنغمس بوضوح في
مياه المحيط، إذ قام المليونير إلى حجرته وبدل سترة النجاة التي كان
يرتديها بأخرى أنيقة خاصة بالحفلات الرسمية، وعندما أنهى زينته وأناقته
على اكمل وجه، توجه إلى ظهر السفينة ليعلن أمام الجميع قائلا : (مادام
الهلاك لا مفر منه، سأموت جنتلمان كما عشت جنتلمان)!!
توالي الأحداث
وبمرور الوقت، تم امتلاء كل قوارب النجاة وإنزالها إلى المياه من على
ظهر السفينة تيتانك ولم يدر المئات من المسافرين والذين ما زالوا على ظهر
السفينة ماذا يفعلون ؟ فلجئوا جميعا في فزع وخوف إلى مؤخرة السفينة
المرتفعة في الهواء عن سطح الماء، بعد أن غاصت مقدمتها تماما في
المياه.وما كان أقساها من فترة مؤلمة للجميع، فلم يبق أمامهم إلا دقائق
وتغوص بهم السفينة بأكملها في مياه المحيط وأمام هذا الفزع الرهيب اضطر
بعض الركاب إلى الوثب في المياه الجليدية لعلهم يلحقون بقوارب النجاة، ومن
المؤسف أن معظمهم قد مات، ولم ينج منهم إلا القليل والذين استطاعوا أن
يصلوا إلى قوارب النجاة والتي أخذت تبحر بعيدا عن السفينة.
رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية
أما داخل هذه القوارب، فكانت الدهشة تملا النفوس الجميع، الذين راحوا
يتأملون في ذهول سفينتهم العملاقة، التي لا تقهر، وهي تغوص في المياه
بهيكلها الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنعبثة منها والتي
راحت تدوي نغماتها عبر المياه !!
ولكن سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة، وإلى أن توقفت
تماما، بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء، وصعد الطرف الآخر إلى
السماء حتى كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار
السفينة الزاهية لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع
والسفينة تشق طريقها إلى القاع ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما
تحت سطح المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر
ففي الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من
أبريل، كانت السفينة تايتانيك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها
من مئات الركاب وبدأت قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات
مختلفة ودون هدف منشود، وسط ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما
يؤنسها في هذا الليل المخيف إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا
وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا القليل من هذا الظلام الحالك
واشتد البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما
استطاعوا أن ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب)خاصة وان البعض منهم قد
هرع إلى قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شيء وكان
اتعس هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه
الجليدية وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة
،وامتلأ شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة
ولم يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في
المياه، وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب، والذي بلغ عددهم
الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا
جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه
الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم
فتؤلمهم اشد الالم ولم يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه
الجليدية ،فكان على ركاب هذا القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة
جذب زملاؤهم من تلك المياه الجليدية المؤلمة
ولم ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه
أثناء غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما
يمكن التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه ولكن كانت برودة هذه المياه
الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا
القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب
السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب
النجاة يتجه اليه
السفينة كارباثيا
قضى ركاب القوارب ،الناجون من الهلاك ،ساعات طويلة عبر مياه المحيط
،وسط الليل الحالك والبرد القارص ،سابحين بقواربهم إلى المجهول ،وكلهم يأس
وحيرة في هذه الوحدة القاسية عبر هذا البحر الواسع الممتد، فمرت بهم
الساعات كأنها سنوات طويلة ،فلم يكن هناك أي أمل في النجاة
وعندما بدا الليل يزول ،وبدأت السماء تنير ،كانت المفاجاة
فظهرت فجأة أنوار مضيئة تقترب من بعيد ناحية القوارب، لقد كانت أنوار
السفينة كارباثيا، التي كانت تسير في رحلة من رحلاتها عبر المحيط ،وكانت
على بعد حوالي 58 ميلا من القوارب
ويالها من سعادة غامرة أحس بها ركاب القوارب حين لمحوا تلك السفينة من
بعيد ،فراحوا يشدون انتباهها لهم بشتى الطرق ،فاخذوا يصفقون ويهللون
ويلوحون ،كما استطاع بعضهم أن يشد انتباهها بالأنوار المضيئة ،فاستخدموا
(البطاريات) ،وقاموا بإشعال النيران بمناديل اليد والأوراق وغيرها
ونجحت المحاولات العديدة التي قام بها ركاب القوارب لشد انتباه السفينة
كارباثيا، التي غيرت من طريقها وسارت في اتجاه القوارب ومع بداية ظهور
الشمس وقدوم يوم جديد كانت السفينة كارباثيا قد وصلت إلى القوارب لتبدأ في
اغاثتها
كان مجيء سفينة الإغاثة لركاب هذه القوارب الضالة هو منتهى أملهم،
فتعلقت بها أنظارهم جميعا في فرحه وسعادة غامرة وبدأت السفينة تقوم بنقل
الركاب إلى سطحها ،قاربا بعد الآخر ،حتى تم إغاثة جميع الركاب ،وهيأت لهم
العناية الإلهية فرصة للنجاة بعدما كانوا فيه من يأس وفزع
الفضيحة الكبرى
انتشر خبر السفينة تايتانيك بسرعة في جميع أنحاء العالم، وكما اهتمت
معظم الصحف العالمية بنشر خبر بداية رحلة السفينة في 10 أبريل سنة 1912
على انه من الأخبار الصحفية إلهامه والمثيرة، فقد زاد اهتمامها، بعد
خبرهذة الكارثة، بنشر كل ما يتعلق بهذه السفينة من أخبار وبالخط العريض في
صفحاتها الأولى ،فنشرت بعض الصحف هذه العبارات :
لكن لم تستطع الصحف في هذا الوقت أن تبرر بوضوح ظروف الحادث وكيفية غرق
السفينة، حتى بدا يتجمع لديها قدر كاف من المعلومات التي استطاعت الحصول
عليها من الركاب الناجين من هذا الحادث، بما فيهم بعض أفراد طاقم السفينة.
المظاهرات تجتاح شوارع لندن
كذلك شهدت لندن ضجة كبرى بعد هذا الحادث المروع ففي 27 أبريل سنة 1912
م قام ما يزيد عن 1500 من المواطنين بمظاهرة ضخمة في أحد ميادين العاصمة
احتجاجا على حادث السفينة الأسطورية والذي راح ضحيته أكثر من 1400 راكبا،
فنددوا بجميع المسئولين عن هذه الكارثة، وطالبوا بإجراءات أمن حاسمة لضمان
سلامة المسافرين بالسفن بعد ذلك
سبب الغرق
يرى خبراء الغرب انه على الرغم من غرق السفينة تيتانك بهذه الصورة
المفاجئة وفي أولى رحلاتها، إلا انها لا تزال من آمن السفن التي عرفتها
البشرية، ليس فقط من حيث الفترة التي بنيت فيها السفينة، بل وحتى اليوم
وان السبب الرئيس لغرق السفينة يكمن في كيفية وقوع الاصطدام، حيث
اصطدمت السفينة بجبل الجليد الذي فاجأها وهي تسير بأقصى سرعتها..فلم يسبق
أن شهدت بحار العالم مثل هذا الحادث وبنفس الكيفية التي تم بها.
حقائق
تيتانيك (بالإنكليزية: RMS Titanic) هي باخرة ركاب إنجليزية عملاقة كانت مملوكة لشركة وايت ستار لاين (White Star Line)، تم بناؤها في حوض هارلاند آند وولف (Harland and Wolff) لبناء السفن في بلفاست والتي تعرف الآن بـأيرلندا الشمالية. كانت التيتانيك أكبر باخرة نقل ركاب في العالم تم بناؤها في ذلك الوقت
في أول رحلة لها في 10 أبريل 1912 من لندن إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي وبعد أربعة أيام من انطلاقها في 14 أبريل 1912 اصطدمت الباخرة بجبل جليدي
عند الموقع 41°44' شمالا و 49°57' غربا قبل منتصف الليل بقليل، مما أدى
إلى غرقها بالكامل بعد ساعتين وأربعين دقيقة من لحظة الإصطدام في الساعات
الأولى ليوم 15 أبريل 1912.
كان على متن الباخرة 2,223 راكب، نجا منهم 706 شخص فيما لقي 1,517 شخص
حتفهم. السبب الرئيسي لارتفاع عدد الضحايا يعود لعدم تزويد الباخرة بالعدد
الكافي من قوارب النجاة للمسافرين الذين كانوا على متنها، حيث احتوت على
قوارب للنجاة تكفي لـ 1,187 شخص على الرغم من أن حمولتها القصوى تبلغ
3,547 شخص. غرق عدد كبير من الرجال الذين كانوا على ظهر التيتانيك بسبب
سياسة إعطاء الأولوية للنساء والأطفال في عملية الإنقاذ.
تم بناء التيتانيك على أيدي أمهر المهندسين وأكثرهم خبرة، وقد استخدم
في بنائها أكثر أنواع التقنيات تقدماً. ساد الإعتقاد بأنها السفينة التي
لا يمكن إغراقها، وكان غرقها صدمة كبرى للجميع حيث أنها قد زودت بأعلى
معايير السلامة.
البناء
تم بناء التيتانبك في حوض هارلاند آند وولف لبناء السفن في بلفست، و صممت لمنافسة السفينتين لوسيتينيا و ماوريتانيا من بناء شركة كونارد لاين. كان من المزعم أن تكون التيتانيك إلى جانب أخواتها من السفن الضخمة، أوليمبيك و بريتانيك (كان سيطلق عليها إسم جيجانتيك في البداية) أكبر السفن و أكثرها رفاهية في ذلك الوقت. تم تصميم هذه السفن من قبل وليام بيري، مدير كل من هارلاند آند وولف و وايت ستار، و المعماري البحري توماس أندروس مدير إنشاءات هارلاند آند وولف و رئيس قسم التصميم، و أليكساندر كارلايل، المخطط الأول للحوض و المدير العام له. أليكساندر كان المسؤول عن البنية الفوقية للسفن الثلاثة، لكنه ترك المشروع في عام 1910 قبل إطلاق السفن.
تم البدء ببناء التيتانيك في 31 مارس 1909 بتمويل من الأميريكي جون بيربونت مورجان
و شركته الخاصة. أطلق هيكل السفينة في 31 مايو 1911 و تم الإنتهاء من
التجهيزات في 31 مارس من السنة التالية. الطول الكلي للتيتانيك بلغ 269.1
متر (882 قدم و 9 إنشات) و اتساعها 28 متر (32 قدم) و ارتفاعها من سطح
الماء إلى سطح السفينة 18 متر (59 قدم). تحتوي السفينة على محركين بخاريين ذوي أربعة اسطوانات ثلالثي التوسع بالإضافة إلى توربين بخاري منخفض الضغط و الذي بجانب المحركين البخاريين يعملون على تحريك المراوح و التي بدورها تدفع السفينة إلى الإبحار. هنالك 29 غلاية
يتم تشغيلها باستخدام 159 فرن لحرق الفحم و القادرة على دفع السفينة بسرعة
قصوى تبلغ 23 عقدة (43 كم/ساعة؛ 26 ميل/ساعة). ثلاثة من الأربعة مداخن
البالغ طول كل منها 19 متر (62 قدم) فقط هي التي تعمل، أما الرابعة و
المستخدمة في التهوية فقد وضعت بالأصل لجعل شكل السفينة مثيراً للإعجاب.
الحمولة القصوى للسفينة تبلغ 3,547 شخص بما فيهم الطاقم.
الملامح
تفوقت التيتانيك على منافساتها من حيث الفخامة و الترف، حيث تحتوي الدرجة الأولى على حوض سباحة و صالة رياضية و ملعب اسكواش و حمام تركي
و حمام كهربائي و مقهى ذي شرفة. كانت غرف الدرجة الأولى مزينة بتلابيس
الخشب المزخرف و الأثاث الباهظ الثمن و زخارف أخرى. بالإضافة إلى ذلك وفر مقهى باريسي(Cafe Parisien) لركاب الدرجة الأولى مطبخ مع شرفة مشمسة مزينة بالأزهار. بالإضافة إلى ذلك كان هناك مكتبات و محال الحلاقة لركاب الدرجتين الأولى و الثانية. أما غرف الدرجة الثالثة فقد كانت مزينة بخشب الصنوبر و احتوت على أثاث مصنع من خشب الساج الصلب.احتوت السفينة على أحدث التقنيات المتوفرة في ذلك الوقت، فقد كان هنالك
ثلاثة مصاعد كهربائية في الدرجة الأولى و واحد في الدرجة الثانية. و احتوت
أيضاً على نظام كهربائي شامل مع مولدات كهربائية
بخارية و مصابيح كهربائية في أرجاء السفينة و جهازين لاسلكيين قدرة كا
منهما 1,500 واط يعمل على تشغيلهما شخصين بنظام التناوب مما ي}من اتصال
ثابت و إيصال الرسائل الصوتية للركاب في أي وقت.
قام ركاب الدرجة الأولى بدفع مبلغ ضخم لأجل هذه المرافق، فتكاليف الرحلة
لأفضل جناح على متن السفينة باتجاه واحد عبر المحيط الأطلسي كانت تصل إلى
4,350$ (أكثر من 95,860$ في عام 2008). أما تكاليف باقي الغرف فقد بلغت 150$ لغرف الدرجة الأولى، و 60$ لغرف الدرجة الثانية، و 40$ لغرف الدرجة الثالثة.
أسطورة السفينة التي لا تغرق
ترقب العالم بلهفة ذلك الحدث التاريخي، وهو قيام السفينة تيتانيك بأولى
رحلاتها عبر المحيط الأطلنطي من إنجلترا إلى الولايات المتحدة في 10 إبريل
1912.
فعلى رصيف ميناء كوين ستون بإنجلترا كان الاحتفال بالغا بهذا الحدث
الكبير، اصطف آلاف الناس من المودعين وغير المودعين يتأملون، بإعجاب
السفينة العملاقة وهي راسية في الميناء في قوة وشموخ، والمسافرون وهم
يتجهون إليها في سعادة وكبرياء. ولا شك أن الكثيرين منهم كان يتمنى في
قرارة نفسه، لو يكون له مكان على ظهر السفينة.
وجاء الموعد المحدد لبدء الرحلة، فارتفعت الأعلام، وبدأت فرق الموسيقى
المحتشدة على رصيف الميناء تعزف موسيقاها الجميلة المرحة وسط هتاف
المودعين والمسافرين، وبدأ صوت المحرك يعلو حتى أخذت السفينة تيتانك تتحرك
لتبدأ أولى رحلاتها وسط هذا الاحتفال البهيج
المارد
لم يكن اسم التيتانيك والذي يعني المارد، اسما مبالغا فيه في تسمية تلك
السفينة فقد اتصفت بثلاث صفات لم تتوفر بغيرها من السفن وهي: الضخامة وعدم
القابلية للغرق والفخامة
الضخامة
كانت السفينة تيتانيك اضخم سفينة ركاب شهدها العالم حتى الآن حيث بلغ
وزنها 52310 طنا وبلغ طولها 882 قدما ،وبلغ عرضها 92 قدما، ويمكنك تصور
هذه الضخامة بشكل آخر فالسفينة تيتانك يمكن أن تعادل في ارتفاعها ارتفاع
مبنى مكون من أحد عشر طابقا علاوة على طولها الكبير الذي قد يعادل أربع
مجموعات من الأبنية المتجاورة.
عدم القابلية للغرق
كذلك لم يكن هذا المارد قابلا للغرق في نظر من صمموه فالسفينة ليست
كغيرها من السفن حيث تنفرد باحتوائها على قاعين يمتد أحدهما عبر الآخر كما
يتكون الجزء السفلي من السفينة من 16 قسما (مقصورة) لا يمكن أن ينفذ منها
الماء وحتى لو غمرت المياه على سبيل الافتراض أحد هذه الأقسام فانه يمكن
لقائد السفينة وبمنتهى السهولة أن يحجز المياه داخل هذا الجزء بمفرده
ويمنعها من غمر باقي الأجزاء
الفخامة
تمتعت السفينة تيتانيك بدرجة عاليه من الفخامة لم تتوفر من قبل لاي
سفينة ركاب. ويمكنك تصور مدى هذه الفخامة والروعة إذا عرفت أن ثمن تذكرة
الدرجة الأولى لهذه السفينة قد يزيد عن دخل أي فرد من طاقمها طوال فترة
حياته.. وان كانت الدرجتان الثانية والثالثة على وضع اقل من الفخامة إلا
انهما تعدان من أفضل وأرقى قاعات السفر عن مثيلتهما في السفن الأخرى.
سفينة الاثرياء
ضمت السفينة التايتنك على ظهرها نخبة من أثرياء إنجلترا وأمريكا وكان
القدر قد انتقاهم من هنا وهناك ،ليجمع بهم في هذه الرحله. فكان من ضمن
هؤلاء الأثرياء بل أثراهم جميعا الكونيل جون جاكوب استور البالغ من العمر
47 عاما وهو حفيد عائلة استور الإنجليزية الشهيرة بتجارة الفراء وقد مثل
جون بنشاطه التجاري الضخم امتدادا لهذه التجارة إلى جانب امتلاكه لعدد من
الفنادق العالمية. وفي هذه الفترة من الزمان كان استور هو موضع أحاديث
كثيرة خاصة في المجتمع الإنجليزي بعد الفضيحة الكبيرة التي تعرض لها فقد
طلقته زوجته وتزوج بعد ذلك من فتاة صغيرة من نيويورك في عمر أحفاده فكانت
تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما! وخلال هذه الرحلة كان استور وزوجته
الحامل_ مادلين_في طريقهما إلى نيويورك بعد رحلة شتوية قاما بها في مصر
وأوروبا لكنهما اختصرا جزء من زيارتهما لأوروبا وقررا العودة سريعا
للإقامة في أمريكا بعد حملة التشنيعات التي واجهها استور خلال إقامته في
أوروبا. كما ضمت نخبة الأثرياء بنجامين جاجينهيم سليل عائله جاجنهيم
الامريكيه ذات النشاط التجاري الضخم في استخراج المعادن.
كما كان هناك الثري المعروف ازيدور ستروس وزوجتة وازيدور هو صاحب أكبر
مجمع تجاري في العالم(ميكيز) وبجانب هذه المجموعة السابقة والتي تمثل أثرى
أثرياء العالم كان هناك مجموعة أخرى من الأثرياء ولكن بدرجة اقل قليلا مثل
الوجيه الأمثل ارثر ريرسون وجون ثاير مساعد رئيس هيئة السكك الحديدية
بولاية بنسلفانيا وتشارلز هايز رئيس مجموعة الشاحنات الكندية وهاري مولسن
سليل إحدى العائلات الثرية بمونتريال والتي تعمل في مجال البنوك ومن ابرز
طبقات المجتمع الإنجليزي كان هناك سيركوزمو وزوجته ليدي دوف جوردن وكوزمو
هو أمير إنجليزي ينتمي للعائلة المالكة أما زوجته دوف فهي مصممة أزياء
شهيرة وصاحبه أكبر مجلات للأزياء في فرنسا والولايات المتحدة.
الذين تخلفوا عن السفر
كان من الممكن أن تضم قائمة المسافرين على السفينة تايتانيك مجموعه
أخرى من الأثرياء والشخصيات البارزة لولا تخلفهم عن السفرفقد تخلف عن
السفر الثري المعروف ج.ب مورجان لسوء حالته الصحيه وكما تخلف عن السفر
فانديربلت وزوجته ومن عجب انهما تخلفا عن السفر في آخر لحظه قبل إبحار
السفينة وبعد صعودهما بالفعل إلى السفينة هما وخادمهما الخاص
كما تخلف عن الرحلة لورد بيري رئيس شركة هارلاند اند ولف لبناء السفن
في بلفاست والذي قام ببناء وتصميم السفينة تيتانيك لكنه تخلف عن الرحلة
لظروف مرضية مفاجئه وحل محلة في الرحلة المدير التنفيذي للشركة
وضمت أيضا السفينة تيتانيك في درجتها الثالثة مجموعة من الطبقات
المتوسطة والفقيرة في إنجلترا والذين استجمعوا كل ما لديهم من أموال للسفر
على هذه السفينة العجيبة ليس فقط من اجل المتعة ولكن أيضا للبحث عن موطن
أخر قد يتوفر فيه لهم مستوى أفضل من المعيشة مما يلقونه في موطنهم
الأصلي.ولكن بطبيعة الحال كان وجود هؤلاء الفقراء شبه معزول عن طبقة
الأثرياء التي سكنت في السفينة كما سكنت في المجتمع، الطبقة العليا
بأجنحتها الممتدة الواسعة، بينما سكنت طبقة الفقراء الطبقة السفلى من
السفينة بحجراتها الضيقة القريبة من الضوضاء والضجيج.
موكب السعادة
كما بدأت السفينة تيتانك رحلتها بالفرح والأمنيات الحلوة استمرت رحلتها
عبر المحيط على هذا النحو لأربعة ليال كاملة. فراح كل من عليها يستمتع
بأجمل الأوقات، كان الاستمتاع بجمال وفخامة السفينة بحجراتها الواسعة
الأنيقة ومطعمها البديع وما يحمل من أشهى المأكولات المختلفة هو نوع آخر
من المتعة الكبيرة التي حظي بها ركاب السفينة ومن ناحية أخرى كانت السفينة
تايتانك قد قطعت شوطا كبيرا من رحلتها الأولى بنجاح وهدوء تام، أثبتت فيه
جدارتها الفائقة في خوض البحار، وقد دعا هذا إلى زيادة سرعة السفينة بدرجة
كبيرة وإطلاق العنان لها بعد أن تأكد لطاقمها جدارتها في خوض البحر خلال
الخمسمائة ميل السابقة وأما قبطان السفينة، كابتن إدوارد سميث والبالغ من
العمر 62 عاما فقد كان اسعد من عليها، فهذه الرحلة الأخيرة له والتي يختتم
بها ما يزيد على ثلاثين عاما من العمل في أعالي البحار، والذي شهد له
الكثيرون خلال هذه الفترة بالنجاح والمهارة الفائقة.
رسائل الإنذار
وفي 14 إبريل 1912 وهو اليوم الخامس من رحلة السفينة بدأت المخاطر
تتربص بالسفينة العملاقة ومن عليها من سادة القوم فمنذ ظهيرة ذلك اليوم
حتى اخره، تلقت حجرة اللاسلكي بالسفينة رسائل عديدة من بعض السفن المارة
بالمحيط ومن وحدات الحرس البحري تشير إلى اقتراب السفينة من الدخول في
منطقة مياه جليدية مقابلة للساحل الشرقي لكندا. وعلى الرغم من هذه الرسائل
العديدة التي تلقتها السفينة، لم يبد أحد من طاقمها، وعلى الأخص كابتن
سميث، أي اهتمام.حتى أن عامل اللاسلكي قد تلقى بعض الرسائل ولم يقم
بإبلاغها إلى طاقم السفينة لعدم اكتراثهم بها.
فعلاوة على اعتقادهم، من خبرتهم السابقة، بندرة تكون الجليد في هذه
المنطقة من المحيط في شهر أبريل، فقد كانوا جميعا على ثقة بالغة بسفينتهم
العملاقة تايتانك، فقد كانت تبدوا لهم أكبر وأكبر من أن يعترض شيئا
طريقها..فما بالهم يعبئون ببعض قطع من الجليد.
خاصة أن المحيط هذا اليوم كان هادئا تماما كالبساط الممتد، كما كان
الجو باردا لكنه كان مشمسا في معظم الوقت فماذا يمكن أن يهددهم أو يعترض
طريقهم.
لكنه بعد حلول الظلام وبالتحديد في الساعة التاسعة مساءا من نفس هذا
اليوم، بدأت درجة الحرارة في الانخفاض بشكل ملحوظ، مما جعل كابتن سميث
يدرك أن السفينة تقترب، بالفعل، من منطقة جليدية، لكنه على الرغم من ذلك
لم يبد اهتماما كبيرا لهذا الأمر فكل ما قام به هو إعطاء الأوامر بتفقد
خزانات المياه، خوفا من أن تكون المياه قد تجمدت بها، كما بلغ مراقب
السفينة، فر يدريك فليت، بتشديد الرقابة والإبلاغ عن أي كتل ثلجية ضخمة قد
تتراءى له. ثم دخل كابتن سميث حجرته لينام !!!
وفي الحقيقة أن كابتن سميث رغم خبرته الطويلة، قد وقع في خطأ كبير بهذا
التصرف، ربما لثقته البالغة بسفينته العملاقة وخبرته الطويلة، فهو لم يفكر
إطلاقا في إنقاص سرعة السفينة حيث كانت تنطلق في هذا اليوم بأقصى سرعتها،
كذلك نسي كابتن سميث أن كتل الجليد الضخمة قد تفاجئ سفينته في لحظات، فقد
كانت الرؤية في هذه الليلة غير قمرية غاية في الصعوبة، حتى أن الأفق لم
يكن واضحا على الإطلاق.
جبل الجليد
وفى حوالي منتصف نفس هذه الليلة، وبينما فليت( مراقب السفينة
)يتناول بعض المشروبات الدافئة لعلها تزيل عنه البرد القارص في هذا الوقت،
فجأة رأى فليت خيالا مظلما يقع مباشرة في طريق السفينة، وفي ثوان معدودات
بدأ هذا الخيال يزداد بشكل ملحوظ حتى تمكن فليت من تحديده..إنه جبـل
جليدي، فقام فليت بسرعة بإطلاق جرس الإنذار عدة مرات لإيقاظ طاقم السفينة،
كما قام بالاتصال بالضابط المناوب واخبره بوجود جبل من الثلج يقع مباشرة
في اتجاه السفينة ،حيث قام بسرعة وأمر بتغير اتجاه السفينة ثم بإيقاف
المحركات.
ولكن لم يكن هناك أي فرصة لتجنب الاصطدام، فارتطم جبل الثلج بجانب
السفينة ومن الغريب أن هذا التصادم لم يكن ملحوظا أو مسموعا بدرجة واضحة،
حتى أن باقي أفراد طاقم السفينة قد ظنوا انهم نجحوا في تغيير المسار وتجنب
الاصطدام، ومع حدوث هذا التصادم، تساقطت كتل كبيرة من الثلج على ظهر
السفينة، وعلى الرغم من ذلك لم تهتز السفينة إلا هزة بسيطة كانت غير
ملحوظة، لكنها انزلقت قليلا من الخلف، وبعد عدة دقائق توقفت السفينة تماما
عن الحركة.
الغفلة وعدم الاكتراث
لم يشعر معظم ركاب السفينة بان سفينتهم العملاقة قد اصطدمت بأي شيء،
فإلى جانب أن التصادم كان غير مسموعا بدرجة كافية، كان معظم المسافرين
داخل حجراتهم، في هذه الليلة الباردة بل أن الكثيرين منهم كانوا قد
استغرقوا قي النوم، فلم يكن مستيقظا في ذلك الوقت سوى بعض الرجال الذين
كانوا يدخنون السيجار في الغرفة الخاصة لذلك من الدرجة الأولى، بعد
تناولهم العشاء وبعد انصراف زوجاتهم إلى حجرات النوم، ولم يكن صوت هذا
التصادم مسموعا لهم ألا بدرجة خافته، فقام اثنان منهم واتجها إلى ظهر
السفينة لمعرفة سبب هذا الصوت الخافت، وتبعهما بعد ذلك آخرون وآخرون، ومن
الغريب انهم جميعا لم يبدوا أي اهتمام، فلم يبالوا إلا بمشاهدة جبل الثلج
والقطع المتناثرة منه على ظهر السفينة، ثم عادوا جميعا بعد ذلك لما كانوا
فيه، فمنهم من عاد ليكمل لعبته المسلية، ومنهم من عاد لتدخين السيجار
وتتناول المشروبات، كما دخل بعضهم حجراتهم الخاصة ليخلدوا للنوم كذلك عبر
بعض المارين بالسفينة في ذلك الوقت عن إحساسهم بهذا التصادم بصور مختلفة،
فقال بعضهم انه كان يبدو كما لو كانت السفينة مرت على أرض من المرمر) !،
وهو تشبيه ملائم تماما لتلك الطبقة الأرستقراطية، كما ذكر آخرون : (انه
كان يبدو كالصوت الصادر عن تمزيق قطعة قماش) كذلك ذكر أحد الضباط على
السفينة والذي كان نائما بحجرته في ذلك الوقت : أن كل ما أحس به هو حدوث
اهتزاز بسيط بجدار السفينة، مما اقلق نومه، لكنه عاد للنوم مرة أخرى، بعد
أن تبادر إلى ذهنه أن السفينة قد غيرت من اتجاهها بطريقة غير لائقة.
المفاجأة
أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة.
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب
السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل
السفينة، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما، وامتلأت أيضا حجرة البريد
بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات، مما يشير إلى كارثة وان غرق
السفينة تيتانك أمر محتم.
إخلاءالسفينة
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى
أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة،
كما أمر بإرسال نداء الإغاثة (SOS).
ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث، فعدد ركاب السفينة هو 2201
راكبا، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا
إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة،
الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث، بل أن
بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف، فهم لا يزالون
يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق.
بدا ركاب السفينة والذين ظهر بعضهم بثياب النوم يرتدون سترات النجاة،
ثم اخذوا يصعدون قوارب النجاة تحت تعليمات كابتن سميث، الذي أمر بإخلاء
السفينة من النساء والأطفال أولا، على أن يذهب الرجال بعد ذلك إلى قوارب
النجاة إذا توفر لهم أماكن بها.
وفي الحقيقة أن بعض الركاب لم يكن يريد الدخول إلى قوارب النجاة، فكانت
السفينة العملاقة لا تزال مطمئنة بالنسبة لهم عن قوارب النجاة الصغيرة،
حتى أن بعض البحارة قد اخذ يزج بعضا منهم إلى القوارب، فقد كانوا مدركين
تماما للكارثة التي تنتظرهم، كما اضطر البحارة أمام رفض بعض الركاب إلى
إنزال بعض قوارب النجاة إلى المياه وهي غير ممتلئة عن آخرها، فلم يكن هناك
أي وقت للتأخير والمماطلة.وكان ركاب الدرجة الثالثة من الفقراء هم آخر من
وصل إلى قوارب النجاة حيث يقيمون بالحجرات السفلى من السفينة، بل أن بعضهم
ظل منتظرا بأسفل السفينة لا يدري ماذا يفعل، على رغم علمهم بوجود محنة على
ظهر سفينتهم
بريق الأمل
في نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكي بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة،
وان كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة
جدا عن السفينة تيتانك، فكانت كل هذه النداءات دون أي جدوى، ولكن ظهر
للسفينة تيتانك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى
هي السفينة كاليفورنيان، والتي كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة
في دقائق وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التي تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم
يصل للسفينة كاليفورنيان أي نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التي ظلت
ترسل بها السفينة تيتانك، ففي هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل
اللاسلكي بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال.
وبعد عدة محاولات يائسة قام ظباط السفينة تيتانك بمحاولة أخرى لشد
انتباه السفينة كاليفورنيان إلى سفينتهم المنكوبة، فقاموا بإطلاق عدة
صواريخ نارية في السماء وانطلقت معها الهتافات والنداءات المتكررة ولكن
على الرغم من ذلك لم تتخذ السفينة كاليفورنيان أي موقف تجاه هذه الإشارات
الضوئية، فلم يتبادر إلى ذهن طاقمها أن السفينة تيتانك في خطر وأنها ترسل
هذه الإشارات طلبا للنجدة ،وبالتالي سارت السفينة كاليفورنيان في طريقها
غير عابئة بهذه الإشارات، وأخذت تبعد تدريجيا عن السفينة تيتانك، وبعد
معها آخر أمل في إنقاذ السفينة تيتانك.
موسيقى المرح على ظهر السفينة المنكوبة
أما على ظهر السفينة تيتانك، فراحت فرقة الموسيقى المصاحبة للرحلة،
تعزف موسيقى المرح والسعادة أثناء إنزال قوارب النجاة من السفينة إلى
المحيط ! وان كانت هذه الموسيقى قد ظلت لفترة من الوقت ملائمة تماما للجو
النفسي لركاب السفينة الساخرين واللاهين، إلا أنها صارت بعد ذلك غير
ملائمة لحالة الخوف والقلق التي بدأت تنتاب معظم الركاب مع إنزال أقدامهم
على ظهر السفينة، التي بدأت مؤخرتها في الانخفاض تدريجيا إلى سطح المياه
بشده.
شبح الموت
واستمر الحال كما هو عليه بظهر السفينة، الموسيقى تعزف، والسفينة تنخفض
تدريجيا والخوف يزداد ويزداد مع اقتراب ظهر السفينة من سطح المياه، والذي
لا يزال يحمل مئات الركاب والذين لم يتم بعد إخلائهم منها، فبدأ شبح الموت
يخيم على وجوه الجميع، فقد أصبح حقيقة واقعة خاصة بعد نفاد معظم قوارب
النجاة، فلم يعد يبقى منها غير قاربين فإما الموت غرقا مع السفينة وإما
القفز إلى المياه الجليدية الكفيلة بإحداث صدمة عصبية مميتة بمجرد النزول
إليها.
وأمام شبح الموت الذي خيم على السفينة بأكملها برزت بعض المواقف
الإنسانية الجميلة التي عبرت عن الوفاء في أسمى صوره، ولكن كان هناك أيضا
بعض المواقف الغريبة والمثيرة للدهشة.
فمن ضمن هذه المواقف الإنسانية الجميلة التي برزت أمام شبح الموت، هو
تشبث بعض الزوجات بأزواجهن ورفضهم مغادرة السفينة عند مجيء دورهن في
الانتقال إلى قوارب النجاة.
وكان أروع مثل شهدته السفينة لهذا الوفاء العظيم، هو ما عبرت عنه مسز
ايدا ستروس زوجة الثري الكبير ايزدور ستروس، والتي عادت مرة أخرى إلى ظهر
السفينة بعد دخولها إلى قارب النجاة، لتحضن زوجها وهي تبكي قائلة : لقد
عشنا معا سنوات طويلة لا يمكن أن ارحل من دونك، سوف امضي حيث تمضي.. وذهب
الاثنان معا ليجلسا في ركن هادئ بعيد وأخذا يرقبان ما يجري حولهما في
انتظار القرار الأخير لنهاية مصيرهما المشترك.
السيجار أيضا كان صورة أخرى غريبة وشاذة، ففي الحجرة الخاصة بالتدخين
بالدرجة الأولى جلس ميجور اركيبولد بوت وثلاثة آخرون يدخنون السيجار
ويتجاذبون أطراف الحديث غير مكترثين تماما بما يجري حولهم، على الرغم من
أن السفينة في ذلك الوقت قد انخفضت بدرجة كبيرة إلى سطح المياه
سأموت جنتلمان
كذلك كان للمليونير بنجامين جاجنيهيم الذي اشتهر بأناقته، موقف في غاية
الغرابة أثناء هذه اللحظات الحرجة التي بدأت فيها السفينة تنغمس بوضوح في
مياه المحيط، إذ قام المليونير إلى حجرته وبدل سترة النجاة التي كان
يرتديها بأخرى أنيقة خاصة بالحفلات الرسمية، وعندما أنهى زينته وأناقته
على اكمل وجه، توجه إلى ظهر السفينة ليعلن أمام الجميع قائلا : (مادام
الهلاك لا مفر منه، سأموت جنتلمان كما عشت جنتلمان)!!
توالي الأحداث
وبمرور الوقت، تم امتلاء كل قوارب النجاة وإنزالها إلى المياه من على
ظهر السفينة تيتانك ولم يدر المئات من المسافرين والذين ما زالوا على ظهر
السفينة ماذا يفعلون ؟ فلجئوا جميعا في فزع وخوف إلى مؤخرة السفينة
المرتفعة في الهواء عن سطح الماء، بعد أن غاصت مقدمتها تماما في
المياه.وما كان أقساها من فترة مؤلمة للجميع، فلم يبق أمامهم إلا دقائق
وتغوص بهم السفينة بأكملها في مياه المحيط وأمام هذا الفزع الرهيب اضطر
بعض الركاب إلى الوثب في المياه الجليدية لعلهم يلحقون بقوارب النجاة، ومن
المؤسف أن معظمهم قد مات، ولم ينج منهم إلا القليل والذين استطاعوا أن
يصلوا إلى قوارب النجاة والتي أخذت تبحر بعيدا عن السفينة.
رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية
أما داخل هذه القوارب، فكانت الدهشة تملا النفوس الجميع، الذين راحوا
يتأملون في ذهول سفينتهم العملاقة، التي لا تقهر، وهي تغوص في المياه
بهيكلها الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنعبثة منها والتي
راحت تدوي نغماتها عبر المياه !!
ولكن سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة، وإلى أن توقفت
تماما، بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء، وصعد الطرف الآخر إلى
السماء حتى كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار
السفينة الزاهية لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع
والسفينة تشق طريقها إلى القاع ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما
تحت سطح المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر
ففي الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من
أبريل، كانت السفينة تايتانيك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها
من مئات الركاب وبدأت قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات
مختلفة ودون هدف منشود، وسط ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما
يؤنسها في هذا الليل المخيف إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا
وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا القليل من هذا الظلام الحالك
واشتد البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما
استطاعوا أن ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب)خاصة وان البعض منهم قد
هرع إلى قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شيء وكان
اتعس هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه
الجليدية وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة
،وامتلأ شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة
ولم يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في
المياه، وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب، والذي بلغ عددهم
الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا
جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه
الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم
فتؤلمهم اشد الالم ولم يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه
الجليدية ،فكان على ركاب هذا القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة
جذب زملاؤهم من تلك المياه الجليدية المؤلمة
ولم ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه
أثناء غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما
يمكن التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه ولكن كانت برودة هذه المياه
الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا
القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب
السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب
النجاة يتجه اليه
السفينة كارباثيا
قضى ركاب القوارب ،الناجون من الهلاك ،ساعات طويلة عبر مياه المحيط
،وسط الليل الحالك والبرد القارص ،سابحين بقواربهم إلى المجهول ،وكلهم يأس
وحيرة في هذه الوحدة القاسية عبر هذا البحر الواسع الممتد، فمرت بهم
الساعات كأنها سنوات طويلة ،فلم يكن هناك أي أمل في النجاة
وعندما بدا الليل يزول ،وبدأت السماء تنير ،كانت المفاجاة
فظهرت فجأة أنوار مضيئة تقترب من بعيد ناحية القوارب، لقد كانت أنوار
السفينة كارباثيا، التي كانت تسير في رحلة من رحلاتها عبر المحيط ،وكانت
على بعد حوالي 58 ميلا من القوارب
ويالها من سعادة غامرة أحس بها ركاب القوارب حين لمحوا تلك السفينة من
بعيد ،فراحوا يشدون انتباهها لهم بشتى الطرق ،فاخذوا يصفقون ويهللون
ويلوحون ،كما استطاع بعضهم أن يشد انتباهها بالأنوار المضيئة ،فاستخدموا
(البطاريات) ،وقاموا بإشعال النيران بمناديل اليد والأوراق وغيرها
ونجحت المحاولات العديدة التي قام بها ركاب القوارب لشد انتباه السفينة
كارباثيا، التي غيرت من طريقها وسارت في اتجاه القوارب ومع بداية ظهور
الشمس وقدوم يوم جديد كانت السفينة كارباثيا قد وصلت إلى القوارب لتبدأ في
اغاثتها
كان مجيء سفينة الإغاثة لركاب هذه القوارب الضالة هو منتهى أملهم،
فتعلقت بها أنظارهم جميعا في فرحه وسعادة غامرة وبدأت السفينة تقوم بنقل
الركاب إلى سطحها ،قاربا بعد الآخر ،حتى تم إغاثة جميع الركاب ،وهيأت لهم
العناية الإلهية فرصة للنجاة بعدما كانوا فيه من يأس وفزع
الفضيحة الكبرى
انتشر خبر السفينة تايتانيك بسرعة في جميع أنحاء العالم، وكما اهتمت
معظم الصحف العالمية بنشر خبر بداية رحلة السفينة في 10 أبريل سنة 1912
على انه من الأخبار الصحفية إلهامه والمثيرة، فقد زاد اهتمامها، بعد
خبرهذة الكارثة، بنشر كل ما يتعلق بهذه السفينة من أخبار وبالخط العريض في
صفحاتها الأولى ،فنشرت بعض الصحف هذه العبارات :
- السفينة التي لا تغرق، ترقد في قاع المحيط
- إنقاذ 706 راكبا من ركاب السفينة الأسطورة البالغ عددهم 2,223 راكبا ،بعد غرق السفينة أثناء رحلتها من إنجلترا إلى الولايات المتحدة
- سفينة الأثرياء تغوص بهم في قاع المحيط
لكن لم تستطع الصحف في هذا الوقت أن تبرر بوضوح ظروف الحادث وكيفية غرق
السفينة، حتى بدا يتجمع لديها قدر كاف من المعلومات التي استطاعت الحصول
عليها من الركاب الناجين من هذا الحادث، بما فيهم بعض أفراد طاقم السفينة.
المظاهرات تجتاح شوارع لندن
كذلك شهدت لندن ضجة كبرى بعد هذا الحادث المروع ففي 27 أبريل سنة 1912
م قام ما يزيد عن 1500 من المواطنين بمظاهرة ضخمة في أحد ميادين العاصمة
احتجاجا على حادث السفينة الأسطورية والذي راح ضحيته أكثر من 1400 راكبا،
فنددوا بجميع المسئولين عن هذه الكارثة، وطالبوا بإجراءات أمن حاسمة لضمان
سلامة المسافرين بالسفن بعد ذلك
سبب الغرق
يرى خبراء الغرب انه على الرغم من غرق السفينة تيتانك بهذه الصورة
المفاجئة وفي أولى رحلاتها، إلا انها لا تزال من آمن السفن التي عرفتها
البشرية، ليس فقط من حيث الفترة التي بنيت فيها السفينة، بل وحتى اليوم
وان السبب الرئيس لغرق السفينة يكمن في كيفية وقوع الاصطدام، حيث
اصطدمت السفينة بجبل الجليد الذي فاجأها وهي تسير بأقصى سرعتها..فلم يسبق
أن شهدت بحار العالم مثل هذا الحادث وبنفس الكيفية التي تم بها.
حقائق
- إنقاذ 706 راكبا من ركاب السفينة الأسطورة البالغ عددهم 2,223 راكبا ،بعد غرق السفينة أثناء رحلتها من إنجلترا إلى الولايات المتحدة
- حملت التايتانك 900 طن من الأمتعة والبضائع.
- كان استهلاك التايتانك اليومي من ماء الشرب 14,000 غالون.
- استهلاك الفحمِ اليومي: 825 طن.
- صممت التايتانك لحمل ما مجموعه 48 قارب نجاة.
- حملت التايتانك 20 قارب نجاة، وذلك لإفساح المجال لرؤية البحر بصورة
أفضل للركاب. كما حملت 3560 سترة نجاة. ستر النجاة صنعت من الجنفاص
والفلين. - العشرون قارب نجاة التي إستبقيت على سطح التايتانك، كانوا أصلا أكثر
مما توصي به التعليمات والقوانين في ذلك الوقت، كان الهدف منها نقل الركاب
بين السفن ذهابا وإيابا في حالة حدوث مشاكل، لم يتوقع أحد غرق سفن الركاب
بهذه السرعة، كان هنالك دائما وقت لوصول سفن أخرى وإنقاذ معظم الركاب قبل
الغرق. - موقع اصطدام السفينة بالجبل الجليدي ___ 41°44' شمالا ; 49°57' غرب
- لم يكن هناك قطط على متن سفينة التايتانك. كانت العادة وضع القطط على
متن السفن كشكل من أشكال الحظ السعيد. وطبعا للسيطرة على القوارض. - طول التايتانك تقريبا مساوى لطول مبنى إمباير ستيت.
- تصميم تايتانك يتضمن ثلاث مداخن.المدخنة الرابعة في نهاية السفينة
أُضيفت فقط لجعل منظر التايتانك أكثر قوة. وتم بعدها استغلاله كمنفذ
للهواء. - العديد من المسافرين لم يكن يفترض من الأصل أن يسافروا على التايتانك.
بسبب وجود إضراب، كان كميات الفحم شحيحة. هدّد هذا النقص بإلغاء رحلة
تايتانك الأولى مما أجبر خط النجم الأبيض الملاحي لإلْغاء السفر على
سفينتي أوشانك وأدرياتك وتم تحويل الفحم إلى التايتانك، طبعا مع الركاب. - قبطان السفينة سميث كان يخطط للتقاعد بعد رحلة التايتانك الأولى.
- كان يمكن سماع صافرات التايتانك من مسافةْ 11 ميلِ.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى